خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 12 من شوال 1443هـ - الموافق 13 / 5 / 2022م
تَسْبِيحُ اللهِ فَضَائِلُهُ وَمَنْزِلَـتُهُ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( [آل عمران:102].
أَمَّا بَعْدُ:
فَلَقَدْ مَنَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ بِأَقْوَالٍ وَكَلِمَاتٍ بِاللِّسَانِ يَسِيرَةٍ، لَكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ رَتَّبَ عَلَيْهَا الْأُجُورَ الْكَثِيرَةَ وَالْحَسَنَاتِ الْكَبِيرَةَ، فَتَثْقُلُ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ، وَتَرْفَعُهُ عِنْدَ اللهِ دَرَجَاتٍ، وَتَحُطُّ عَنْهُ الْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ، فَمَا أَعْظَمَ فَضْلَهَ عَلَيْنَا! وَمَا أَجَلَّ مِنَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ!.
وَمِنْ ذَلِكَ: تَسْبِيحُ اللهِ تَعَالَى بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَالتَّسْبِيحُ هُوَ تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى عَنِ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ، وَتَعْظِيمُهُ تَعَالَى بِإِثْبَاتِ كُلِّ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَأَسْمَاءِ الْجَلَالِ، وَقَدْ سَبَّحَ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: ]سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ( [الصافات:159]، وَأَمَرَ بِتَسْبِيحِهِ، فَقَالَ: ]فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا( [النصر:3]، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَلَائِكَتَهُ لَا يَمَلُّونَ وَلَا يَتْعَبُونَ مِنْ تَسْبِيحِهِ، فَقَالَ: ] وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ( [الأنبياء:19-20]، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، حَتَّى السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؛ قَالَ تَعَالَى: ]تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا( [الإسراء:44]. وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ مَقَاصِدِ بِعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ تَسْبِيحَ اللهِ تَعَالَى بِمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ الْمَعَانِي؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: ]إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا( [الفتح:8-9]، وَلَمَّا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى الْعِبَادَ بِالذِّكْرِ خَصَّ التَّسْبِيحَ لِعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ وَجَلِيلِ قَدْرِهِ؛ فَقَالَ: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا( [الأحزاب:41-42].
عِبَادَ اللهِ:
لَمَّا كَانَ تَسْبِيحُ اللهِ تَعَالَى وَتَنْزِيهُهُ وَتَعْظِيمُهُ مِنْ أَجَلِّ الْأَعْمَالِ وَأَفْضَلِ الْأَقْوَالِ؛ جَاءَ الْأَمْرُ بِهِ فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَفِي الأَذْكَارِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ، وَفِي أَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَوَرَدَتْ فِي فَضْلِهِ الْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَإِذَا أَمْسَى كَذَلِكَ، لَمْ يُوَافِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ بِمِثْلِ مَا وَافَى» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، فَحَافِظْ عَلَى هَذَا الذِّكْرِ؛ فَهُوَ رِفْعَةٌ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالتَّسْبِيحُ مِنْ أَسْبَابِ غَرْسِ الْجَنَّةِ؛ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]. وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ غُرِسَ لَهُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ» [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ].
عِبَادَ اللهِ:
تَسْبِيحُ اللهِ تَعَالَى مِنْ أَجَلِّ الْكَلَامِ وَأَحَبِّهِ إِلَى اللهِ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ؟». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ، فَقَالَ :«إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَا اصْطَفَى اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. بَلِ التَّسْبِيحُ يَعْدِلُ كَثِيرًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي قَدْ يَعْجِزُ الْعَبْدُ عَنْ أَدَائِهَا؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَالَهُ اللَّيْلُ أَنْ يُكَابِدَهُ، أَوْ بَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، أَوْ جَبُنَ عَنِ الْعَدُوِّ أَنْ يُقَاتِلَهُ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ؛ فَإِنَّهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ جَبَلِ ذَهَبٍ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
أَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَثْقُلَ مَوَازِينُكُمْ يَوْمَ لِقَاءِ رَبِّكُمْ؟ فَعَلَيْكُمْ بِتَسْبِيحِ اللهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَمَعَ إِثْقَالِهِ لِلْمَوَازِينِ فَهُوَ يَحُطُّ الْخَطَايَا حَطًّا؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ –عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.
مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ:
إِنَّ ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى عُمُومًا وَالتَّسْبِيحَ خُصُوصًا مِنْ أَسْبَابِ ارْتِفَاعِ الْعَبْدِ مَنَازِلَ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْجَنَّاتِ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَافَظَ عَلَى ذِكْرِ رَبِّهِ، وَهَذِهِ تَذْكِرَةٌ لِمَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِالْعُمُرِ، فَلْيَزْدَدْ مِنَ الصَّالِحَاتِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْأَجَلُ فَيَنْدَمَ عَلَى مَا فَاتَ، وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ثَلَاثَةً أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَكْفِينِيهِمْ؟». [أَيْ: يُضِيفُهُمْ] قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، قَالَ: فَكَانُوا عِنْدَ طَلْحَةَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثاً فَخَرَجَ فِيهِ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ بَعْثاً فَخَرَجَ فِيهِمْ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي فِي الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيرًا يَلِيهِ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ [يَعْنِي أَشْكَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ] قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الإِسْلَامِ؛ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
عِبَادَ اللهِ:
تَسْبِيحُ اللهِ وَذِكْرُهُ وِقَايَةٌ لِلْعَبْدِ مِنَ النِّيرَانِ، وَسَبَبٌ لِدُخُولِ الْجِنَانِ؛ فَهَذَا إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقْرِئُ هَذِهِ الْأُمَّةَ السَّلَامَ، وَيُوصِيكُمْ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ، فَعَلَيْكُمْ بِهَا؛ تَسْلَمُوا وَتَغْنَمُوا؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
فَأَكْثِرُوا -عِبَادَ اللهِ- مِنْ ذِكْرِ اللهِ وَتَسْبِيحِهِ، وَتَحْمِيدِهِ وَتَهْلِيلِهِ، تَحُوزُوا الْأُجُورَ الْكَثِيرَةَ، وَالْحَسَنَاتِ الْكَبِيرَةَ، وَلَا تُفَرِّطُوا فِي أَوْقَاتِكُمْ، وَعَوِّدُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَلَى ذِكْرِ رَبِّكُمْ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِينَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْغَافِلِينَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ
مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ؛ المُوَحِّدِينَ وَالمُوَحِّدَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ اللِّسَانِ، وَتَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ الأَعْمَالِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ أَمِيرَ البِلَادِ وَوَلِـيَّ عَهْدِهِ، وَوَفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة